mercredi 12 novembre 2014

القرآن الكريم شرف هذه الأمة .





القرآن الكريم شرف هذه الأمة






الشيخ عبدالله بن حمد الشبانة




أجل إنه شرفها ومجدها الباذخ وفخرها العظيم.





ألم يؤكد ذلك ويقرره ربنا تبارك وتعالى في قوله عز من قائل : {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ }.





فهو كتاب لا كأي كتاب. لكنه يجمع فضائل كل كتاب سبقه ويزيد عليها ولذلك صار مهيمناً على ما سبقه من كتب، يقول الحق جل شأنه : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ }.





إنه كتاب عظيم القدر يمتاز بعدد وافر من الخصائص والسمات فهو :





ـ مبارك : يقول سبحانه : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }.





- مفصّل : يقول عز وجل : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا }.





- مصدق لما قبله : يقول جل شأنه : { وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ }.





- هدى ورحمة : يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.





- تبيان لكل شيء : يقول سبحانه : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ }.





- أنزل للتدبر : يقول تبارك وتعالى : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }.





- وأنزل للحكم به : يقول تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ }.





- محكم لا اختلاف فيه ولا تناقض : يقول عز من قائل : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }.





إلى غير ذلك من الخصائص التي تميزه عما عداه وتجعله كتاباً فريداً أنزله الله سبحانه ليكون نبراساً ونوراً يهدي هذه الأمة إلى ما فيه خيرها وفلاحها في عاجل أمرها وآجله. في دنياها وآخرتها، ويخرجها من الظلمات الحوالك كلها بمختلف أشكالها وألوانها إلى النور الساطع الوضاء.





فهو يخرجها من ظلمة الشك إلى نور اليقين، ومن ظلمة الجهل والخرافة إلى نور العلم، ومن ظلمة الشرك إلى نور التوحيد، ومن ظلمة الطغيان والظلم إلى نور العدل والمساواة، ومن ظلمة الأثرة إلى نور الإيثار، ومن ظلمة الأهواء والشبهات والشهوات إلى نور التعبد الحق لله رب العالمين والاتباع الكامل لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم لتغدو الحياة بكل مناحيها طيبة هنيئة تتحقق فيها للمسلم السعادة الحقيقية المتمثلة في رضوان الله عنه ثم تفضله سبحانه عليه بإدخاله جنته في الآخرة يقول سبحانه : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.





أريد أن أقول :





إن هذا الكتاب العظيم الذي له كل هذه الخصائص والسمات وأكثر منها هو كلام الله الذي أنزله على خير خلقه وأشرف رسله وأنبيائه وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليصنع لهذه الأمة مجدها ويقيم ما اعوج من بنيانها ويجعلها سيدة الأمم والشاهدة عليها. إنه السلاح الوحيد الذي لا تنتصر إلا به، وإنه المفتاح الوحيد الذي لا تلج باب التاريخ إلا عن طريقه، وإنه الضوء الوحيد الذي لا تستطيع أن تسير إلا من خلاله.وهذا هو بالضبط ما حدث لصدر هذه الأمة العظيمة من سلفنا الصالح، فقد عرفوا لهذا القرآن العظيم قدره فعظموه ووقروه وعملوا به فقادهم إلى معارج العلياء ومدارج الكمال ودكوا به عروش الباطل وحكموه في عباد الله فعاش الناس في ظلاله سعداء إخوة متحابين رحماء أعزاء يعبدون الله ويبتغون فضله ورضوانه، وذلك ما يؤكده قول الحق عز وجل : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا }.





وعندما ضعف ذلك كله في عجز هذه الأمة أصبحت نتيجة ذلك على ما نراه من اهتزاز الكيان وضعف الحيلة ونفاد المخزون الروحي حتى لقد أصبحت تشرق مرة وتغرب أخرى في ضعف ظاهر وخور بين، وانطفاء للشعلة الوقادة وخبو للنور المتوهج تستجدي المبادئ والأفكار وعندها أعظمها، وتقتات على فُتات موائد الأمم وهي تملك مائدة الموائد. كتاب ربها وسنة نبيها، فأمست تقاد بعد أن كانت تقود وتمسك بالزمام، وهي سنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل : { ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.





غير أن بصيصاً من الأمل بأن تعود الأمة إلى طريق عزتها وكرامتها ينطلق من هذه البلاد الطيبة التي حافظت على هذا الكتاب العزيز عناية واهتماماً، وقضاء وحكماً، ونشراً وطباعة، وتعليماً وتحفيظاً، فاستمر تمكين الله لها في الأرض بسبب ذلك كله، وأفاء الله عليها من الخيرات ورغد العيش ما أفاء بسبب ذلك كله، وأنعم عليها بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى لعل في مقدمتها نعمة الأمن والاستقرار بسبب ذلك كله، ومما ينبغي على كل فرد فيها أن يحمد الله على انتمائه إلى بلد يحكم القرآن الكريم ويعتني به ويرجع إليه، فتلك نعمة من أجل النعم، نعمة الارتباط بالقرآن الكريم والاهتداء بهديه واتخاذه منهجاً ودستوراً، حرم منها كثير من الناس، ولعل هذه المسابقة السنوية في حفظ القرآن الكريم وتلاوته بشقيها المحلي والدولي دليل ظاهر على تلك العناية ومظهر بارز لذلك الاهتمام ولا غرو في ذلك ولا عجب فهذه الدولة المباركة إنما أسست على هدي هذا الكتاب، وإنما قامت على أساسه تحكم به وتدعو إليه وتنافح عنه زادها الله بالتمسك به قوة وعزة وأنار لها به السبيل، فجمعت بين المحافظة عليه والاهتداء بهديه وبين التقدم المادي في تناغم رائع وتواءم فريد، والمأمولإن شاءالله – أن يكون واقعها منطلقاً لإصلاح واقع الأمة كلها لتأخذ بتجربتها وتسير سيرها لتسعد في دنياها وأخراها وما ذلك على الله بعزيز، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.











via مدونة الوليد http://ift.tt/14gaC4f

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire