بعد مضي مئات الآلاف من السنين على وجودنا على هذا الكوكب الأزرق واستعماره، اكتشفنا قدرًا لا بأس به من المعلومات عنه، والأهم أننا اكتشفنا الكثير عن أنفسنا، لقد تمكنا من معرفة أجسامنا بشكل دقيق ومفصل وتوصلنا لأدق العمليات الحيوية التي تجري بداخله وراقبناها عن كثب، وأدركنا الداء وتعلمنا كيفية صنع الدواء، وفهمنا الغذاء ودوره في الجسم هو والماء، لقد أدركنا مراحل نشأتنا بدءًا من النطفة ووصولًا إلى الشيخوخة، ولكن بالرغم من كل ذلك التقدم والمعرفة التي حققناها لا زالت هناك بعض الأسئلة البسيطة التي لم نجد لها إجابات محكمة بعد.
الألم
الألم عبارة عن شعور غير مريح ولكنه مشترك بين كل البشر، إنه أحد أوائل الأشياء التي نواجهها في حياتنا، عندما يتم انتزاعنا فجأة من أرحام أمهاتنا، كما أنه سيكون آخر ما نواجهه في الحياة أيضًا عندما يحين وقت رحيلنا. ولكن ما هو الألم تحديدًا؟ وكيف يحدث؟ ولماذا نشعر به؟ وهل نشعر به جميعًا بنفس الطريقة أم يختلف من شخص لآخر؟ إذا كانت هذه الأسئلة جعتلك أكثر اهتمامًا بهذه القضية وتشعر بالحزن لعدم استطاعتك الإجابة فلا تقلق لأن العلم والعلماء لم يتمكنوا من الإجابة أيضًا. إن كنت تعاني من الألم المزمن ربما تجد القليل من العزاء في حقيقة أن العلماء والأطباء لا يمكنهم فهمه، في الواقع الخبراء لا يمكنهم الاتفاق على ماهية الألم حتّى اللحظة، الألم أمر معقد ويتحدى قدراتنا لإيجاد تعريف واضح له، الألم أكثر من مجرد نبضات عصبية أو تنبيغات حسيّة، الألم خليط معقد من المشاعر والأحاسيس والثقافات والخبرات والمعتقدات الروحية والحسيّة. في الموقع الرسمي للأكاديمية الأمريكية لإدارة الألم وعلاجه ستجد إجابتهم على سؤال ما هو الألم كالتالي: “إحساس غير مريح واستجابة عاطفية وشعورية لذلك الإحساس”.
أحد الطرق لتصنيف الألم وربما التغلب عليه هي التفريق بين الألم المزمن Chronic والألم اللحظي الحاد Acute. الألم اللحظي هو ما تشعر به عندما تصيب المطرقة إصبعك بدلًا من المسمار أو عند التواء كاحلك أو عندما يحترق جزء من جسدك، بينما الألم المزمن عبارة عن ألم مستمر طويل الأجل وأكثر إحباطًا، قد يحدث نتيجة إصابة ما أو عدوى فيروسية في الأعصاب أو الضرر العصبي للمفاصل وتنكس وضمور العظام. أحد أنواع الألم المزمن يطلق عليه Neuropathic ويحدث نتيجة تلف الأعصاب وليس نتيجة الإصابة الفعلية التي أدت لذلك، وهناك دراسات حديثة تشير إلى أن هذا الألم يمكن أيضًا أن ينتقل عبر الأعصاب الأخرى غير التالفة. يفرق العلماء أيضًا بين الألم المستحضر (اطرق بمطرقة على إصبعك عمدًا ليصلك المعنى) وبين الألم العفوي أو التلقائي الذي لا تجد له سببًا خارجيًّا واضحًا. الألم الحاد اللحظي يكون في الغالب مُستحضرًا، أي له سبب خارجي واضح، أما الألم المزمن فقد يكون مُستحضرًا أو تلقائيًّا. الألم التلقائي الناتج عن الألم المزمن قد يستمر لفترات طويلة دون توقف ويشبه الإحساس بالحرق أو قد يكون متقطعًا ويشبه الإحساس بالطعن أو الوخز (نعم هذا ما يشعر به أغلبنا من حين لآخر).
في الوقت الحالي العلماء يقتربون من فهم طبيعة الألم من خلال تحليل أنواع الألياف العصبية التي تقوم بنقله، وطريقة وصول تلك الإشارات إلى دماغك وكيفية معالجة دماغك لها، الأعصاب الموجودة في أجسامنا تقوم بدور هام جدًّا وهو أن تخبرنا عند وجود خطر ما مثل الاقتراب من سطح ساخن أو عندما يرغب الجسم في الراحة أو العلاج. آلاف النهايات العصبية المسؤولة عن الشعور بالألم يمكن أن تجدها في مساحة صغيرة جدًّا في إبهامك أو فقرات العمود الفقري أو أي مكان آخر في جسدك. هناك أنواع كثيرة من الأعصاب منها ما يشعر بالبرودة ومنها ما يشعر بالحرارة أو الضغط أو الألم، وتلك المسؤولة عن الشعور بالألم يطلق عليها Nociceptors وتجدها بكثرة في الأطراف والأصابع حيث تكثر الإصابات، وتطلق هذه الأعصاب إشاراتها نحو العمود الفقري وعندما يصبح مسبب الألم أقوى تزيد من سرعة وكثافة الإشارات التي ترسلها، في الحبل الشوكي. تتسبب هذه الإشارات الكهربية في إفراز مواد كيميائية تسمى الناقلات العصبية Neurotransmitters وتقوم بتنشيط خلايا عصبية أخرى تعمل على معالجة وإرسال تلك المعلومات إلى الدماغ، واعتمادًا على مدى شدة مسبب الألم يتم تحديد السرعة التي سيتم بها إرسال تلك المعلومات للدماغ ليتخذ الاستجابة المناسبة.
.
.
.
يتبع
المصدر: .:: منتديات الوليد ::. - من قسم: قسم الأحياء
via مدونة الوليد http://ift.tt/1IrdOd7
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire