قصة للأطفــــال
بقلم الكاتب التونسي : رضا سالم الصامت
يحكى في القديم أن هناك رجلا فقير الحال ، يشتغل حطابا و في كل يوم يجمع حطبه من الغابة و يضعه على ظهره ليبيعه في السوق.
كان الحطاب يتعب من أجل لقمة عيشه . و يبيع الحطب، ثم يتجه إلى المخبزة القريبة ليشترى رغيفا و حليبا لابنه الوحيد و زوجته ، و يعود
لبيته بعد كد عمل يوم مضن، فيجد زوجته في انتظاره مبتسمة الوجه، رغم الخصاصة ، هي سعيدة بعودة بعلها من مشقة عمل اليوم من أجل القمة الحلال.....
وفي يوم من الأيام قرر ملك تلك البلاد القيام بجولة في الغابة ، فلاحظ أن الكثير من الأشجار اقتلعت فغضب و قرر غلق الغابة و منع
كل من يقتلع الأشجار و جمع الحطب لبيعه ...
سمع الحطاب الخبر المفجع ، فاحتار في أمره و قال في نفسه : كيف سأوفر قوتي و قوت زوجتي و ابني ؟
أخبر زوجته و قال لها: إنّها مُصيبة ! فمن أينَ لي أن أطعمكم ، حالتي أصبحت أسوأ و قد يعاقبني الملك و يقطع رأسي ، ان خالفت أوامره!..
ردت عليه قائلة : لا تجزع يا رجل ، الله هو خالقنا ، فاصبر فقد يهدي الله، ملكنا ؟
قال : استغفر الله ، سأصبر على نصيبي .
ذهب الحطاب إلى فراشه ونام ، و في منامه رأى أن الملك يجره ليقطع له رأسه و كان يقول له :
أيها الحطاب قطعت الحطب و الآن سأقطع رقبتك !!
كان الحلم مزعجا للغاية ... استيقظ مذعورا، يرتعد من الخوف، فقالت له زوجته: ما بك يا زوجي ؟
لا تقنط من رحمة الله و اصبر على نصيبك،انه مجرد كابوس ، لا تخف ، لا تخف ، خذ هذا الكوب من الماء و اشربه و احمد الله على ما نحن
فيه، فستفرج إن شاء الله .... فلا تقلق يا زوجي العزيز ؟
بعد أشهر قرر الملك القيام بجولة ليتفقد معيشة الناس ، و بما أن الحطاب توقف عن عمله بسبب قرار الملك و بقي في بيته عاطلا
عن العمل ، ينتظر الفرج ، و في كل ليلة يضع قدرا على نار بها ماء...
و في الماء حجرا ليصبر ابنه موهما إياه بإحضار الطعام - و تشعل زوجته حطبا و تضع القدر فيه الماء يغلي فيطول انتظار ابنها
إلى أن يغلبه النعاس و هو يبكي ، فينام المسكين جائعا...
ذات يوم سمعت زوجة الحطاب ، قرعا على باب بيتها، فخرجت لتفتح الباب، فإذا بالملك و حاشيته و جنده !
-ابتسمت لهم وقالت من أنتم يا سادة ؟
- نزل الملك من على ظهر حصانه الأبيض و قال لها : أنا ملك البلاد جئت أتفقد أحوالكم ؟
دخل الملك بيتها المتواضع ، فوجد قدرا فيه ماء يغلي ، فأخذه ليرى ما فيه ، فلم يجد غير الماء في القدر و حجر و حصى فيه!
فقال لها بتعجب ما هذا يا امرأة !؟
أين الطعام الذي تطبخينه؟
لم أجد في القدر غير حجر و حصى !!!....
ردت عليه مبتسمة : ليس لدي طعام ، كما ترى يا مولاي انه قدر فيه ماء يغلي ... !
الملك : لاحظت ذلك ، و لكن أريد أن أعرف ما القصد من هذا الصنيع ؟
ردت عليه قائلة : وضعته لكي أوهم ابني و زوجي الذي احترم قراركم يا مولاي ، و لم يعد يذهب إلى الغابة ليجمع الحطب و يبيعه فـي
السوق ، فلم نعد نوفر لابننا الغذاء ، فنوهمه بأننا تحضر له الطعام... فيبقى على أمل إلى أن يغلبه النعاس فينام . ... هذا حالنا !
أحس الملك بغلطته ، و شعر بالذنب والندم الشديد ، صافح بعلها، ثم أمر حراسه بجلب الطعام و أحلى الثمار لابنها....
ثم وجه لزوجها " الحطاب " دعوة لزيارة قصره في صباح الغد و غادر المكان....
و في صباح اليوم الموالي ، ذهب الحطاب في زيارة قصر الملك و عند وصوله عرفه الحراس، فأدخلوه ليقابل حضرة الملك ، الذي رحب به
و عرض عليه مالا فرفض و ذهبا فرفَض مرة أخرى .....
غضب الملك و صاح في وجهه: ترفض الذهب و المال فماذا تريد يا رجل ؟
رد عليه الحطاب بهدوء: يا مولاي أنا لست انتهازيا و لا طماعا، و لكني أريد فقط عملا شريفا أكسب به قوتيو قوت عائلتي من حلال رب العالمين .
ابتسم الملك للحطاب و قال له : انك رجل فاضل ، و لذلك سوف أمنحك ثقتي و أعيينك في وظيفة تكسب منها رزقا حلالا.
قال و ماهي ؟ رد عليه الملك : بستاني بحديقة القصر.... ما رأيك ؟
فرح الحطاب بالوظيفة و اخذ يقبل يدي الملك، و يشكره كثيرا ، ثم عاد إلى بيته فرحا مسرورا ليزف البشرى على زوجته الصابرة الصبورة .
سعدت زوجته بالخبر الطيب الجميل ، و قالت له مبتسمة : ألم أقل لك أن الله مع من صبر على نصيبه، و أن الله قد يهدي الملك ...
رد عليها الحطاب قائلا : الحمد لله ، انه ملك طيب ....
*هكذا أصدقائي الصغار من هذه القصة نستنتج عبرة فيها طيبة و الطيبة من شيم الرجال العظماء ، ونستنتج أيضا أن من صبر على نصيبه ، فان الله يكرمه و يحسن حاله ، لأن الله سبحانه و تعالى كريم يحب الكرماء.
رضا سالم الصامت
المصدر: .:: منتديات الوليد ::. - من قسم: قصص و روايات
via مدونة الوليد http://ift.tt/1fvWC7p
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire