dimanche 31 août 2014

علاج آفات اللسان








الغيبة، والنميمة، والمراء والجدال، وكفران النعم، والأذى، والكذب، والافتراء، وسب الصحابة، والتوجه بالدعاء لغير الله -عز وجل-. هذه الآفات التي ابتلي بها كثير من المسلمين -إلا من رحم ربي- كيف يعالجها الإنسان؟ إذا أردت أن أمسك لساني عن الشر، يجب أن أضع أمامي بعض النقاط الهامة وبعض المحظورات التي يجب أن يتقيها الإنسان ويضعها نصب عينيه. هذه الآفات إن لم تكن كبائر في كثير منها، فهي قريبة من الكبائر، والمواظبة عليها يصيرها كبيرة يستمرئها الإنسان ويتعود عليها.

كيف أعالج هذه الآفات؟

1. أن أعظّم حرمات الله -عز وجل-: يجب أن أعرف أن تعظيم حرمات الله -عز وجل- هو دواء شاف لكل القلوب، أن أعرف حرمات الله، كيف أخوض في عرض الناس؟ كيف أسب مسلماً؟ كيف أسب الصحابة؟ وأقول: هذا من أهل الجنة، وهذا من أهل النار؟ هذه النقطة يجب أن تكون في الحسبان، وهو أن أعظّم حرمات الله -عز وجل-.

2. انظر إلى ما ورد في كتاب الله -عز وجل- من مدح الذاكرين لله والذاكرات. والذي يصبح ويمسي ولسانه رطب بذكر الله، ويقرأ في كتاب الله -سبحانه وتعالى- ليل نهار، والذي يرضي الله -عز وجل- بالكلام الطيب، ويلقي السلام على المؤمنين، والذي يصلي ويستخدم لسانه في صناعة الخير. هذا كله من وسائل حفظ اللسان من هذه الآفات.

3. انظر إلى نهاية الدنيا بالنسبة لي: فالدنيا سوف تنهي العمر، سوف ينتهي، سوف أدخل القبر وحيداً فريداً، يحاسبني الله على ما خضت فيه بلساني، فما الذي يجعلني أترك لساني يذكر الناس بالسوء؟ ويذكر الناس ويخوض في أعراضهم، إذاّ سأتقي الله رب العالمين.

4. ليكن عندي قصر الأمل: مصيبة الجميع -إلا من رحم ربي- عبارة عن طول الأمل. كلنا يقول: يا فلان ألا تقتنع أنك سوف تموت؟ يقول: نعم، وهل أعددت نفسك؟ يقول: إن شاء الله رب العالمين، يقول: وإذا مت الليلة؟ يقول: يا رجل، لا داعي لهذه السيرة، لا داعي لهذا الكلام، لا داعي لهذه الكلمات. قصر الأمل وتذكر الموت هذه وسيلة ناجعة لعلاج آفات اللسان، يقول -تعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران: 185). وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أخذ بمنكبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))". وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" (1).

5. يضع المسلم آيات كتاب الله -عز وجل- نصب عينيه: الله -عز وجل- يقول: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت: 45)، فعندما يصلي الإنسان كثيراً، سوف يتوقف عن الفحشاء؛ لأن الصلاة من الناهيات التي تنهانا عن الفحشاء والمنكر أو أن نبغي.

6. قيام الليل: لو واظب المسلم على قيام الليل، ويجد نفسه في لحظة السحر، ورب العباد -سبحانه وتعالى- يتنزل في الثلث الأخير من الليل كل ليلة، ويقول -سبحانه-: ((من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر)) (2). هذا الوقت العظيم الذي يغتنمه المسلم للدعاء إلى الله -عز وجل- أن يقيه آفات اللسان وعثرات اللسان، وهذا العضو الذي إن لم يمسكه الإنسان كان كالحيوان المفترس يهجم عليه. قيام الليل والدعاء في السحر يجعل الإنسان يؤوب إلى رب العباد -سبحانه وتعالى-، ويمسك لسانه عن الشر.

7. أن يتعود الإنسان الصمت: يقول: والله أنا من الساعة كذا إلى الساعة كذا لن أتكلم وإنما أجلس أتفكر، أتفكر في ذنوبي، أتفكر كيف أطرق أبواب الخير، ما الذي سوف أصنعه من باب الخير، ما الذي سوف أقوله لله يوم القيامة، إذا قال لي ماذا قدمت للإسلام؟ كيف حملت هم الإسلام؟ "رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم، ومن صمت نجا" (3). وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) (4). وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وأبكِ على خطيئتك))(5). كل هذه النصوص، لو وضعها الإنسان أمام عينيه ربما تكون هذه وسائل كلها لإمساك اللسان عن الشر وإطلاقه بالخير.

8. أن يصاحب الإنسان أخيار الناس: يصاحب أهل العلم، أهل التقوى، أهل الاستقامة، أهل الفضيلة الذين لا نسمع منهم الكلمات البذيئة؛((مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك أو أن تبتاع منه وإما أن تشم منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثوبك أو أن تشم منه ريحاً خبيثة)) (6). هكذا الجليس الصالح نبحث عنه، والإنسان المسلم والرجل على دين صديقه وخليله، قل لي: من صديقك، أقول لك: من أنت. فالمسألة عبارة عن إعانة الإنسان بالصالحين من العباد، الذي إن رآك غافلاً ذكرك، وإن رآك ذاكراً أعانك، وإن رأيته ذكرتك بالله رؤيته، ودلك على الله حاله، وزاد في علمك منطقه. ((الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)) (7). الصديق رقعة في الثوب أو "الأخ رقعة في الثوب فلينظر أحدكم بما يرقع ثوبه"، "المسلم مع المسلم (أو الأخوان في الله) كاليدين تغسل إحداهما الأخرى" (8).

9. الشيطان العدو الوحيد: تعرف أن الشيطان هو الذي يشجعك على القول البذيء، والشيطان لنا عدو، وهو العدو الوحيد الذي يجب أن نتخذه عدواً هكذا أمرنا الله -عز وجل-: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (فاطر: 6). فإذا جاءك الشيطان لكي تتحدث فيما يضر، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، قال -تعالى-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف: 200).

10. أن يشتغل الإنسان بعيوب نفسه: لو أشتغل الإنسان بعيوب نفسه لشغلته عن عيوب الناس.

11. الإكثار من الطاعات. الإنسان لكي ينتهي عن آفات اللسان يكثر من صيام الاثنين والخميس، صيام يوم أو يوم، ركعتين في جوف الليل، كثرة قراءة القرآن، تنقية القلب، أن تحسن إلى من أساء إليك، أن تحذر اللسان كل يوم، وتقول: يا لساني، اتق الله فيّ. فالإنسان عندما يصلي يجب أن يقف ليصلي صلاة مودع فيتوب إلى الله -عز وجل- وينهي لسانه عن الشر، وإذا غضبت فما عليك قبل أن تفلت أو يفلت لسانك بكلمات سيئة، ما عليك إلا أن تدخل تغير وضعك الأول فإن كنت جالساً فقف، وإن كنت واقفاً أجلس، وإن كنت نائماً أقعد ثم توضأ فإن الغضب من الشيطان والشيطان من النار ولا تطفئ النار إلا بالماء، ثم أريد من أي غاضب يريد أن ينطق ويتفوه بكلمة لينظر إلى المرآة سوف يرى شخصاً غير الذي يعرفه، يقول: من هذا الشخص الذي في المرآة؟ إنه أنت أيها الغاضب الذي يجب أن تتمسك بالسكينة والعودة إلى لحظة الرضى وتدعو الله "اللهم أجرني من حر غضبي". فإذا حفظت لسانك أخي المسلم فزت برضوان الله -سبحانه وتعالى-، وأحبك النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحبك الناس، وضمن لك الجنة -بإذن الله-. والنبي -صلى الله عليه وسلم- يبشرك بأنك من أقرب الناس إليه: ((الموطؤون أكنافاً الذين يألفون" (10)، ((وإن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)) (11).

الخاتمة:

اللهم رّطب ألسنتنا بذكرك، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وجنبنا سوء الأخلاق لا يجنبنا سوءها إلا أنت، وحسن خلقنا، لا يرزق المسلم الأخلاق الحسنة إلا أنت يا رب العالمين، واجعل ألسنتنا وحصائد ألسنتنا في ميزان حسناتنا ولا تجعلها في ميزان سيئاتنا، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم يا رب تسليماً كثيراً.



موقع المختار الاسلامى












via مدونة الوليد http://ift.tt/1CgIx9I

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire