mardi 9 décembre 2014

رد البلاء بالاستغفار



رد البلاء بالاستغفار


المقدمـة

الحمد لله غافر الذنب وقابل التوبة، ومكفر السيئات، يفرح لتوبة عباده أشد ما يفرح أحدنا إذا وجد ضالته .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد:
الإنسان في هذه الحياة له غاية يسعى إليها ويتجه نحوها وقد علمَّنا ربنا - سبحانه- أن الإنسان يجب أن تكون غايته - الله- يتجه إليه - سبحانه - ويسعى للوصول إليه عن طريق الكمال الذي يتحلَّى به حتى تسمو نفسه وتتهذب مداركه .. يقول الله -تعالى: }فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ {([1]). وفرار الإنسان إلى الله يكون بذكر الله والاستغفار والتضرع إليه بما علمنا في كتابه وعلى ألسنة رسله وأنبيائه الهداة المصلحين، ونظرا لأن في الآخرة ثوابا وعقابا فعلى الإنسان أن يفر من معصية الله إلى طاعته؛ ليفوز بثواب الله وينجو من عقابه في بوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أخي القارئ .. المعاصي قد تكثَّرت والذنوب قد توفَّرت، والشيطان اللعين مشغول فيما قال أمام رب العالمين بالحلف الأكيد: }فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {([2])، ففعل فعلته التي فعل من أمام وخلف ومن يمين وشمال حتى أضل منَّا جبلًّا كثيرا: }ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ {([3]).

فالواجب على العبد المؤمن أن لا يعصي ربه تعالى طرفة عين، ولو عصى بما استذله الشيطان أو أمرته نفسه الأمارة بالسوء بالعصيان، فإنه لا يقنط من رحمة الله ولا ييأس من مغفرة مهما عصى وازداد في الإثم، ويبادر إلى التوبة والاستغفار وتجهيزها للموت والاستعداد له.
أخي المسلم: إن علامة الاهتداء إلى الطريق القويم السليم، تقديم العمل الصالح، وهو ما كان خالصا لله تعالى، ومجرد الإيمان وإن كان يمنع المؤمن الخلود في النار ويدخله الجنة، لكن العمل يزيد نور الإيمان، وبه يتنور قلب المؤمن، فنور قلبك ووجهك بالطاعة والعمل الصالح.
قال موسى –عليه السلام- يا رب أي عبادك أعجز؟ قال: الذي يطلب الجنة بلا عمل، قال: وأي عبادك أبخل؟ قال: الذي سأله سائل وهو يقدر على إطعامه ولم يطعمه.
فإن الله عز وجل أمر عباده بالتوبة والاستغفار وسمَّى ووصف نفسه بالغفار والغفور وغافر الذنب. وأثنى على المستغفرين ووعدهم بجزيل الثواب، ويرضى عن المستغفر الصادق؛ فالاستغفار هو الدواء الناجع والعلاج الناجح من الذنوب والخطايا .. قال تعالى: }وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {([4]). إذاً أي شيء قدمت من الأعمال ليوم القيامة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبي هريرة –رضي الله عنه: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم». وقال في موضع آخر: «كل بيني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
وإن كثير من الناس يعتقدون أن الاستغفار يكون باللسان يقول أحدهم: "استغفر الله"، ثم لا يوجد لهذه الكلمات أثر في القلب كما لا يُشاهد لها تأثير على الجوارح ومثل هذا الاستغفار في الحقيقة فعل الكذَّابين قال الفضيل بن عياض –رضي الله عنه: "استغفار بلا إقلاع عن الذنب توبة الكذَّابين".
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم ارحمنا إذا عرق الجبين وكَثُر الأنين، وبكى علينا الحبيب ويئس منا الطبيب .. اللهم ارحمنا إذا وارانا التراب، وودعنا الأحباب، وفارقنا النعيم. اللهم يا حي يا رحمن يا رحيم برحمتك نستعين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.




([1] ) سورة الذاريات آية 50.

([2] ) سورة ص: 82-83.

([3] ) سورة الروم: 41.

([4] ) سورة الروم: 41.








via مدونة الوليد http://ift.tt/1zKwBKm

1 commentaire: