mardi 2 décembre 2014

أنواع الكفر




أنواع الكفر








الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه، ومن والاه إلى يوم الدِّين.




أما بعد: فإن الله عز وجل أمرنا بالاعتصام بكتابه وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم والرجوع إليهما في كلِّ صغيرة وكبيرة مع التمسك بطريقة سلف هذه الأُمَّة في فهمهما؛ من الصحابة والتابعين تابعيهم بإحسان، مما ضلَّ عنه اليوم غالبية فرق أهل القبلة؛ فنرى الخلافات قد دبَّت بينهم في كثير من أمور الدين، ومن أهمها : مسألة التكفير





والخلل ـ والله أعلم ـ يرجع إلى عدم الفهم ، والجهل التام بمنهج أهل السنة والجماعة.




والتكفير حكم شرعي لا يطلق على معين من المسلمين إلا بشروطه الشرعية ، والجزم بتكفير المعين، وإخراجه من الإسلام خطره عظيم ، ويترتب عليه آثار كثيرة، وقد افترق الناس في تحديد شروط التكفير وموانعه ، فعند بعضهم أن من تلفظ بالشهادتين لا يمكن تكفيره بحال، ويرى آخرون أن التكفير يكون بالكبيرة، كما لا يرى آخرون الحكم بإسلام مَن نطق بالشهادتين، وصلى، وصام، وأدى الفرائض ما لم يتحققوا من إسلامه بشروط حددوها لم ترد في الكتاب والسُّنَّة.




وأما أهل السنة والجماعة فوسط بين هؤلاء وأولئك؛ فهداهم الله للالتزام الحق بالدليل الشرعي في وصف الفعل ، وفي حكم الفعل؛ فالتزموا بالنصوص الشرعية في تحديد ما هو كفر وما ليس بكفر؛ فمنهج أهل السنة والجماعة هو التوسط والاعتدال في الأمور كلها، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }[البقرة: 143] .




ومن هذا المنطلق شرعت في كتابة هذه الرسالة المختصرة في أنواع الكفر تبسيطًا لموضوعه وتسهيلاً لفهمه؛ وذلك نصحًا للمسلمين، وأسأل الله الكريم أن يوفق جميع المسلمين لاتباع الحق، ويؤلف بين قلوبهم، ويجمع كلمتهم، وأن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، إنه عفو كريم؛ اللهم آمين.







تعريف الكفر




الكفر في اللغة : هو الستر والتغطية. يقال لمن غطى درعه بثوبه: قد كفر درعه. والمكَفِّرُ الرجل المتغطي بسلاحه.

والكُفر: ضد الإيمان؛ سمي بذلك لأنَّه تغطية للحق.

والكفر جحود النعمة، وهو نقيض الشكر.

وهو كافر: أي جاحد لأنعم الله تعالى.




والكفر في الشرع : هو الستر وجحود الحق وإنكاره.

أي: جحد ما لا يتم الإسلام بدونه أو كماله.

والكافر: ضد المسلم.

والمرتد: هو الذي كفر بعد إسلامه؛ بقول، أو بفعل، أو اعتقاد، أو شك. وعليه فجحد مدلول الشهادتين كفر، وجحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو جحد بعضه كفر، وجحد وجوب وتحريم ما علم بالضرورة من الدِّين كفر، كجحد وجوب الصلاة، وتحريم الربا، وتحريم الخمر.. وغيرها.

والكفر ذو أصول وشعب متفاوتة ، منها ما يوجب الكفر المخرج من الملة، ومنها ما هو من خصال الكفار.

ويرد الكفر في نصوص شرعية مرادًا به أحيانًا الكفر المخرج عن الملة، وأحيانًا يراد به الكفر غير المخرج عن الملة، وذلك أن للكفر شعبًا كما أن للإيمان شعبًا، وكما أن الإيمان قول وعمل، فكذا الكفر قول وعمل.




أنواع الكفر




الكفر في الشرع نوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر.

النوع الأول: كفر أكبر يُخرج من الملة:

وهو جحد ما لا يتم الإسلام بدونه، وهو موجب للخلود في النار، ومخرج من الإيمان، ويكون بالاعتقاد، وبالقول، وبالفعل، وبالشكِّ، وبالترك.

وهذا الكفر خمسة أنواع، هي:




1- كُفرُ التَّكذيب: وهو اعتقاد كذب الرُّسل، والإخبار عن الحق بخلاف الواقع، أو ادعاء أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بخلاف الحق، وكذلك من ادعى أن الله تعالى حرم شيئًا أو أحله مع علمه بأن ذلك خلاف أمر الله ونهيه.




2- كفر إباء واستكبار مع التصديق: وذلك بأن يقر أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حق من ربه؛ لكنه يرفض اتباعه أشرًا وبطرًا واحتقارًا للحق وأهله. أو مثل كفر إبليس؛ فإنَّه لم يجحد أمر الله ولم ينكره، ولكن قابله بالإباء والاستكبار.




3- كفر الشكِّ أو الظن: بأن لا يجزم بصدق النبي ولا كذبه؛ بل يشك في أمره، ويتردد في اتباعه؛ إذ المطلوب هو اليقين بأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه حق لا مرية فيه؛ فمن تردد في اتباعه لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو جوز أن يكون الحق خلافه؛ فقد كفر كفر شك وظن.




4- كفر الإعراض: بأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرُّسول صلى الله عليه وسلم لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه، ولا يعاديه، ولا يصغي إليه البتة. ويترك الحق لا يتعلمه ولا يعمل به، ويهرب من الأماكن التي يذكر فيها الحق؛ فهو كافر كفر إعراض.




5- كفر النِّفاق: وهو إظهار الإسلام والخير، وإبطان الكفر والشر، أي: إظهار متابعة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع رفضه وجحده بالقلب، فهو مظهر للإيمان به ، مبطن للكفر، والمنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته.




والنفاق نوعان: نفاق اعتقاد، ونفاق عمل:




أولاً : نفاق الاعتقاد، أو النفاق الأكبر؛ وهو المخرج من الملة:

وهو أن يبطن الكفر في القلب، ويظهر الإيمان على لسانه وجوارحه، وصاحبه من أهل الدرك الأسفل من النار، مثل من كذب بما جاء به الله، أو بعض ما جاء به الله، وكذب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بعض ما جاء به الرسول، وكمثل من لم يعتقد وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم، أو أبغض الرسول صلى الله عليه وسلم، أو كره الانتصار للدين أو سر بكسر راية الدين.. إلى غير ذلكم.




ثانيًا: نفاق العلم، أو النفاق الأصغر؛ وهو غير المخرج من الملَّة:




وهو النفاق العملي، وذلك بعمل شيء من أعمال المنافقين؛ مع بقاء الإيمان في القلب، وصاحبه لا يخرج من الملَّة، مثل: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر؛ كما جاء في الأحاديث النبوية.




هذه حالات الكفر التي يعتبر بها العبد كافرًا.




ولتقريب الصورة إلى الأذهان؛ يمكن تقسيم الكفر الأكبر إلى ثلاثة أقسام مع الأمثلة، وهي:




الأول – الكفر بالاعتقاد : ويكون بمجرد الاعتقاد في القلب، وإن لم يتكلم أو يفعل شيئًا، وأسبابه كثيرة نذكر منها:




1- الجَحْد أو الشك في وجود الله تعالى، أو في ربوبيته، أو أُلوهيته، أو أسمائه وصفاته، أو أن يعتقد أنه لا بأس أن يُدعى مع الله غيره، ويستغاث به.

2- التكذيب أو الشك في رسالة محمَّد صلى الله عليه وسلم وجحدِ عموم رسالته، وختمِه للنبوة.

3- الشك في شيء من أركان الإسلام الخمسة، أو أركان الإيمان الستة، أو الجنَّة ، أو النَّار، أو الثواب والعقاب، أو الجن أو الملائكة. أو شيء مما هو مجمع عليه كالإسراء والمعراج، وغيرها.

4- إنكار حرف من القرآن، أو اعتقاد زيادة حرف فيه.

5- الإيمان بشريعة غير الإسلام، واعتقاد صلاحيتها للبشر.

6- الإيمان بحلول الله تعالى في خلقه، أو وصف الله بصفة يجب تنزيهه عنها؛ كالشريك، أو الزوجة، أو الولد.

7- اعتقاد عدم وجوب شيء معلوم من الدِّين بالضرورة؛ كالصلوات الخمس، والزكاة، والصوم، والحج، وغيرها.

8- اعتقاد تحريم مباح معلوم من الدِّين بالضرورة؛ كالبيع والنكاح، أو الاعتقاد بإباحة محرم معلوم من الدِّين بالضرورة؛ كالقتل، والزنى، والربا.

9- اعتقاد أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا مما أوحى الله تعالى إليه وهو مأمور بتبليغه، أو بلغه لبعض المسلمين دون بعض.

10- تكذيب أي من رسل الله تعالى في أي أمر من الأمور الثابتة عنهم.




الثاني- الكفر بالفعل : أو الردة الفعلية، ومن الأمثلة عليه:

1- السجود لغير الله تعالى.

2- الاستهانة بالمصحف الشريف، أو إلقاؤه في القاذورات، أو دوسه بالقدم، وهكذا فعل أمثال هذه الأشياء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3- الطواف بقبور الأولياء والصالحين، وعبادة أهلها، وسؤالهم حاجتهم، والتقرب إليهم.

4- الذبح لغير الله تعالى؛ بنيَّة التقرب إليهم.

5- الحكم بغير ما أنزل الله؛ جحودًا واستحلالاً، أو التشريع المخالف لشرع الله، وتطبيقه، والإلزام به: فمن شرع حكمًا غير حكم الله تعالى، أو بدله ، أو عطل شرع الله تعالى وحكمه في عباده، ولم يحكم به، واستبدل له حكمًا طاغوتيًا وحكم به؛ فهو كافر كفرًا أكبر، ولا يشترط فيه الاستحلال؛ لأن مجرد فعله استحلالٌ لذلك، وتشريع من دون الله، ودليل على تسويغه اتباع غير شرع الله، ولو لم يصرِّح بلسانه.

7- ترك الصلاة كليًا: فترك الصلاة كليًا من حيث الجملة، أو تركها في الأعم الأغلب، مع الإقرار بوجوبها، وعدم جحود فرضيتها: هو الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ لأن الإعراض عن الطاعة بالكليَّة؛ دليل لفقدان عمل القلب الذي هو شرط لصحة الإيمان.

ولأنَّ الصلاة قرينة دالة على إسلام المرء ؛ تمنع من تكفيره، أو إساءة الظن فيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، أكل ذبيحتنا؛ فذلك المسلم» [رواه البخاري] .




الثالث- الكفر بالقول : ومن الأمثلة عليه:




1- سب الله تعالى أو نسبة العيب إليه، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد رسله عليهم السلام أو سب دين الإسلام.

2- الاستغاثة بالأولياء والصالحين عند الكرب والشدة، والنذر لهم.

3- الاستهزاء بالقرآن، أو بآية من آياته، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو السخرية بأسماء الله تعالى، أو وعده بالجنة أو النار؛ كقول بعضهم: لو أعطاني الله الجنة ما دخلتها، لو شهد عندي الأنبياء والرسل بكذا ما قبلت شهادتهم، أو ما لحقني خير منذ صليت، أو دع الصلاة تنفعك، وكقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجب علينا الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج.. إلى غير ذلك من الأقوال المكفرة التي تجري على ألسنة الناس في هذا الزمان، والله المستعان.

واعلم أخي المسلم: أن السخرية والاستهزاء بشيء مما سبق، ولو على سبيل المزاح؛ فهو كفر لأنَّه يدخل في باب الاحتقار والاستخفاف مما يجعل التلفظ بتلك الأقوال ردة عن الإسلام يجب على من وقعت منه النطق بالشهادتين فورًا، والاستغفار والندم، والعزم على أن لا يعود لمثله أبدًا.



* النوع الثاني: كفر أصغر لا يخرج من الملة:

وهو الكفر العملي ويسميه العلماء (كفرًا دون كفر) وهذا لا يبطل الإيمان، بل ينقصه ويضعفه، ويكون صاحبه على خطر عظيم من غضب الله عز وجل إذا لم يتب؛ وقد أطلقه الشارع على بعض الذنوب على سبيل الزجر والتهديد؛ لأنها من خصال الكفر، وما كان من هذا النوع فمن كبائر الذنوب، وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر، وهو مقتض لاستحقاق الوعيد والعذاب دون الخلود في النار.

ولهذا الكفر صور كثيرة، منها:




1- كفر النعمة: وذلك إما بجحدها، أو نسبتها إلى غير مسديها وهو الله تعالى؛ كقول الرجل: هذا حالي ورثته عن آبائي، أو قول أحدهم: لولا فلان لم يكن كذا.. وغيرها مما هو جار على ألسنة كثير الناس، والمراد أنهم ينسبونه إلى أولئك مع علمهم أن ذلك بتوفيق الله، ومع ذلك لا يقولون الحمد لله.

ومن ذلك تسمية الأولاد بعبد الحارث، وعبد الرسول، وعبد الحسين ونحوها، لأنه عبده لغير الله مع أنه هو خالقه والمنعم عليه.




2- الحلف بغير الله تعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك، أو كفر» [صحيح: أبو داود] .




3- قتال المسلم: لقوله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» [رواه البخاري] . وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» [متفق عليه] .




فهذا كفر غير مخرج من الملة باتفاق الأئمة؛ لأنهم لم يفقدوا صفات الإيمان، لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }[الحجرات: 9] .




4- الطعن في النسب، والنياحة على الميت:




قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت» [رواه مسلم] .




5- الحاكم أو القاضي المسلم يقضي بغير الحق: أو يحكم بغير ما أنزل الله تعالى في قضية معينة بحيث لا يتكرر وليس منهجًا دائمًا لصاحبه، مع التزامه بشرع الله تعالى والتحاكم إليه، وهو يؤمن بالله وبلقائه، ومع اعترافه بأنه آثم في ذلك، مستحق للعقوبة، ولكن اتبع هواه؛ فإن فعله يكون من الظلم المستوجب للذم والعقوبة، وهو من كبائر الذنوب، بل أكبر من الكبائر؛ لكنه لا يكفر به، ما لم يستحل ما فعله بهذه الجزئية؛ فهذا كفر أصغر لا يخرجه من الملة، ولو اعتقد العكس تحول كفره إلى ألأكبر.




وأنواع الكفر الأصغر كثيرة غير محصور؛ فكل ما أطلق عليه الكفر من العمل، ولم يكن من الكفر الأكبر؛ فهو كفر أصغر.




وهناك حالة واحدة : قد يحصل من العبد ما يُكفر به كفرًا أكبر لكنه مع ذلك لا يكفَّر، وهي كما يلي:

1- حالة سبق اللسان بلا قصد؛ بأن يقول ما يكفره لكنَّه لا يقصده البتة، وإنما ظهر على لسانه بلا إرادة منه. كقول الذي قال حين وجد ناقته الضالة: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك» قال صلى الله عليه وسلم: «أخطأ من شدة الفرح».




2- غيبوبة العقل إما بنوم، أو إغماء، أو سكر؛ فإنَّه لا يكفَّر.




3- حالة الإكراه؛ فمن نطق بلسانه الكفر مكرهًا عليه بالقتل أو نحوه، وكان الإيمان مستقرًا في قلبه؛ فلا يكفر لظاهر قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }[النحل: 106] .




أما من نطق بالكفر وقال: قصدت التورية والمزاح؛ فهو كافر ظاهرًا وباطنًا، إذ حكم الكفر يلزم الجاد والهازل، والجاهل والمازح على السواء.




هذا؛ وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على الهادي البشير محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


* * *











via مدونة الوليد http://ift.tt/1yGIrqo

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire