jeudi 4 décembre 2014

المنجيات والمهلكات



قال تعـالى:

﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ


[آل عمران]


عجبت للجنة نام طالبها وللنار نام هاربها.



بسم الله الرحمن الرحيم






المقدمة



الحمد لله منجي الصالحين ومهلك الكفرة والفاسقين، الحمد لله الذي هيأ لنا سبل النجاة، ووضح لنا طريقها، وهدانا الصراط المستقيم، ودلنا على الخير لندخل برحمته الجنة إن شاء الله تعالى من أوسع أبوابها.





وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله إمام المتقين وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين. ثم أما بعد:




يجدر بكل مسلم أن يتعرف على أسباب النجاة في دينه ليتخذها، ويسلك طريقها وينتهج منهجها، ثم عليه أن يتعرف على عموم المنجيات، لينتهجها في حياته، وفي نفس الوقت يجدر به أن يتعرف على أصول المهلكات من الأعمال السيئة ليجتنبها وليحذر منها ومن شؤمها.




كل ذلك لينجو برحمة الله سبحانه وتعالى وبمشيئته عز وجل.








أولاً: المنجيات

وهي أربع:

1- الإيمان بالله تعالى.

2- العمل الصالح.

3- الاستغفار.

4- التوبة.


أسباب النجاة:




اعلم أخي أن رسول الله صلى الله عليه سلم لما ذكر أسباب النجاة ذكر لها سببًا واحدًا فقط ليس له ثان وهو رحمة الله تعالى، فبرحمته عز وجل كتب للعبد النجاة لا سبيل آخر لها إلا ذاك، وقد بين ذلك صلى الله عليه سلم في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا أن أحدًا منكم لن يدخله عمله الجنة » قالوا، ولا أنت يا رسول الله قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل » متفق عليه.





فما يستفاد من معنى ومضمون الحديث:




1- أن سبب دخول الجنة هو رحمة الله تعالى، وذلك يكون بالإيمان بالله عز وجل، ولكن كون الله سبحانه يأمرك بأمور، وينهاك عن أخرى - لا تعود عليه بنفع أصلاً، ثم هو سبحانه يثيبك عليها بالجنة، هذا في حد ذاته رحمة للعباد.

وهنا تتجلى رحمة الله سبحانه وتعالى فإذا كانت حقيقة التشريع أنه منفعة تعود على العباد، والله سبحانه لا ينتفع ولا يتضرر بشيء من ذلك إن أحسن العباد، أو أساؤوا وفوق ذلك وبعد ذلك، هو سبحانه وتعالى يجزي من التزم به بالجنة فهذا ولا شك رحمة فوق رحمة، الأولى رحمة أنه شرع لهم ما ينفعهم في دنياهم، والرحمة الأخرى أنه سبحانه أثابهم على تطبيق ما ينفعهم بما يسعدهم في الدنيا ومن ثم بالجنة في الآخرة.

إذًا التزام العبد بالمنهج الشرعي منفعة له ونجاة، في نفس الوقت.




2- أن سبب دخول الجنة هو رحمة الله تعالى. ولكن على المسلم ضرورة العمل الصالح الذي به يصل إلى رحمة الله تعالى: .. إذاً بالعمل الصالح يبلغ المؤمن رضا الله عز وجل فيدخل الجنة إن شاء الله تعالى، وإلا لمى قال صلى الله عليه وسلم : «اعملوا وسددوا وقاربوا... » وذلك لأن الإيمان عمل قلوب والعمل الصالح عمل جوارح.




والمحصلة النهائية هي أن أسباب النجاة من خلال استقراء الحديث هما سببان، ويلحق بهما سببان آخران لأنهما لا ينفكان عنهما، كل ذلك لنصل إلى رحمة الله سبحانه، وبالتالي الفوز بالجنة إن شاء الله تعالى.





أما سببا النجاة الرئيسيان فهما (الإيمان بالله تعالى، ثم طاعته من خلال العمل الصالح) وأما السببان اللذان يلحقان بهما فهما (الاستغفار وإن لم يكن هناك ذنب، ثم التوبة من الذنوب) هذه هي عموم المنجيات الأربع:




1- الإيمان بالله تعالى: ولا نجاة للعبد إلا بالإيمان به سبحانه وتعالى، وكل من كفر بالله عز وجل أو أشرك به فقد هلك نعوذ بالله تعالى من ذلك لقوله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء] ولقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [المائدة] ولقوله صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها منعوا – عصموا - مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله » رواه الجماعة.





والإيمان أخي الحبيب هو كمال العبودية لله تعالى ولذا فهو لا يتحقق إلا بعبادة الله تعالى العبادة الحقة وذلك يكون بإتباع دينه الحنيف وقبول كل ما جاء به محمد صلى الله عليه سلم مبلغًا عن ربه عز وجل شرعه القويم، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء].




والعبادة أخي هي طاعة العابد للمعبود، الطاعة المطلقة بأركانها الثلاثة والتي بها تتم وتتحقق، وإلا صارت عبادة ناقصة وعلى غير المنهج الحق، وتلك الأركان الثلاثة هي (محبة الله تعالى، ورجاؤه عز وجل، والخوف منه سبحانه)

وقد جاءت هذه الأركان مجتمعة في أول سورة من القرآن الكريم بل هي أول ثلاث آيات من القرآن الكريم على الإطلاق، وهي قوله سبحانه وتعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة].




فقوله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ يحقق المحبة، وقوله تعالى ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ يحقق الرجاء، وقوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ يحقق الخوف.




المحبة: وهي الركن الأول من أركان العبادة، والواجب على المسلم أن يحب الله تعالى الحب الحقيقي، وبالتالي يقدم محبته عز وجل على كل محبة لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة] ولقوله صلى الله عليه وسلم : «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ». مسلم .





وهذا يعني طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر ومنه حذر، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [التغابن]





أما ادعاء حب الله عز وجل من غير طاعته فتلك هي المحبة الزائفة، محبة الكذابين مصداقًا لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران] وقوله صلى الله عليه سلم للأعرابي الذي جاءه يسأل عن الساعة فقال له صلى الله عليه سلم «ويحك إن الساعة آتية فما أعددت لها » قال: ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام، ولكني أحب الله ورسوله، فقال له: رسول الله صلى الله عليه سلم «المرء مع من أحب» فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث البخاري وحقيقة المحبة هي طاعة الله تعالى في كل ما أمر.



الرجاء : وهو الركن الثاني من أركان العبادة، وكما هو حال المسلم في المحبة كذا هو حاله في الرجاء، إذ يجب عليه أن يتعبد إلى الله تعالى به، فكما تحبه سبحانه، فعليك أن ترجو رحمته وتطلب مغفرته، مصداقًا لقوله عز وجل: ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزمر]





وأصل الرجاء أنه يعلق على العمل الصالح، أما الرجاء المجرد من ذلك فهو رجاء الكذابين مصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا * ﴾ [الكهف].




والرجاء حقيقة أن يعلم العبد أنه لن ينجيه إلا رحمة الله تعالى وأن طاعته لله تعالى مهما بلغت، فهي لن تنفع الله تعالى بشيء، وأن معصيته لله عز وجل لن تضر الله، ولن تعجزه بشيء، وأن عليه سلوك طريق الرجاء مصداقًا لقوله صلى الله عليه سلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئًا.. » مسلم.




وحقيقة الرجاء أن تعمل صالحًا ثم تحسن الظن بالله تعالى وأنه رؤوف رحيم بعباده سبحانه.




الخوف: وهو الركن الثالث من أركان العبادة ويجب على المسلم أن يتعبد إلى الله تعالى بالخوف، بحيث يخاف الله تعالى ويخشى انتقامه ويتقي عذابه، وبالتالي فالخوف من أهم المنجيات، وكل من خاف الله تعالى تجده يعبد الله عز وجل، ويتقرب إليه بالعمل الصالح ويتقي عذابه، وبالتالي يترك العمل الفاسد؛ لأن له عاقبة وخيمة في الدنيا والآخرة، أما الخوف المجرد من العمل الصالح فهو خوف الكذابين الذين يخدعون أنفسهم ولا ريب، مصداقًا لقول عز وجل: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات] ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك:].




فكل من خاف من ربه تعالى خوفاً حقيقياً وجب عليه البعد عن أسباب الردي والهلاك ، لا أن يخاف بلسانه ويقترف صنوف المعاصي بأفعاله، فهذا ولا ريب ضلال مبين، ولذلك كانت التقوى أهم مظاهر الخوف من الله تعالى وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية: بترك وتجنب عموم الذنوب والمعاصي والآثام، وحقيقة الخوف أن يجتنب العبد كل ما نهى الله تعالى عنه.



إذًا الإيمان يتم بالعبادة الصحيحة الحقة، والعبادة الصحيحة تحقق ثلاث أمور مجتمعة وهي: محبة الله تعالى وهي وحدها لا تكفي، بل مع المحبه يجب تحقق مخافته عز وجل، والخوف منه سبحانه وحده لا يكفي بل برجائه تعالى مع المحبة، وبهذه الثلاثة الأركان تكمل العبادة فيتحقق الإيمان الحق.




2- العمل الصالح: يعتبر العمل الصالح أهم المنجيات على الإطلاق، وذلك لأن به يتحقق إيمان العبد، ولذلك فقد ربطه سبحانه وتعالى في عدة آيات من كتابه العزيز بالإيمان بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ فبين عز وجل أن العمل الصالح إنما هو ثمرة الإيمان، وإن الإيمان المجرد من العمل لا ينفع صاحبه، لأنه إيمان الكذابين، لأن الله تعالى يريد منا إيمانًا صادقًا يستقر في القلب، ثم ينضح على الجوارح عملاً.




ومن عظيم رحمة الله تعالى أنه عز وجل جعل جزاء السيئة بمثلها، وجزاء الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعفًا إلى سبعمائة ضعف بل إلى أضعاف كثيرة، وكل ذلك لتترجح كفة العمل الصالح يوم القيامة، هذا بالإضافة إلى أن العمل الصالح كفارة للسيئات يغفر الله تعالى به الذنوب والمعاصي والآثام.




وكل المأمورات الشرعية هي أعمال صالحات كالصلاة والصيام والصدقة والحج وتلاوة القرآن وقول الحق، وعموم أعمال البر وما إلى ذلك.





ولقبول العمل الصالح هناك شرطان وجب تحققهما فيه وإلا اختل وفسد، وهما:




كونه خالصًا لله تعالى لا شرك فيه ولا رياء ولا سمعة، لقوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه » [مسلم] إذًا صلاح النية والإخلاص فيها هو الشرط الأول لقبول العمل الصالح، وكل من فسدت نيته فسد عمله.




كونه موافقًا لما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه سلم من عند الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم : «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » رواه مسلم أي مردود، إذًا الشرط الثاني هو الموافقة والمتابعة لما جاء به محمد صلى الله عليه سلم اتباعًا له ولما جاء به من عند ربه عز وجل لا ابتداعًا في الدين أو جهلًا بأموره، لأن ذلك يفسد العمل أيضًا.




ولكن العمل الصالح - أخي الحبيب - وحده لا يكفي للنجاة، إذ يجب تحقق الإيمان الصادق، ومن ثم التعبد إلى الله تعالى بأركان العبادة الثلاثة المذكورة مع العمل الصالح، ورغم ذلك فقد يطرأ تقصير أو خلل في العمل الصالح، فشرع الله تعالى لنا الاستغفار لتلافي ذلك التقصير.




3- الاستغفار عن التقصير الحاصل في العمل الصالح: إذ المسلم يستحيل أن يعبد الله تعالى العبادة الكاملة من غير أن يكون هناك نقص أو تقصير حاصل منه في كل العبادات، لذا كان الاستغفار كالمكمل للعمل الصالح الذي يجبر به الخطأ والتقصير والتفريط الحاصل، وكل ذلك رحمة من الله تعالى بعباده. والاستغفار، يكون من ذنب ومن غير ذنب، لأن التفريط كما قلت حاصل من المسلم لا محالة، والاستغفار في جميع حالاته يقربه إلى الله تعالى، ويحل رضاه، ويستجلب رزقه مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب » [أحمد] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا » [النسائي وابن ماجة].




والاستغفار يجبر الله تعالى به خلل العبد وتقصيره، وهو في الحقيقة اعتراف لله تعالى بعدم بلوغ المنتهى في العبادة الحقة، وبالتالي طلب الغفران عما حصل من تقصير وتفريط وخطأ وزلل، ولذا أمرنا صلى الله عليه سلم أن نكثر منه بقوله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إلى الله واستغفره في كل يوم مائة مرة » [مسلم]([1] ).




واعلم أخي أن للمعاصي والذنوب سببين اثنين (بقصد ومن غير قصد)([2] ).




ما كان منها بقصد: وهي عموم الذنوب والمعاصي التي يتعمد المسلم ارتكابها، كالسب والشتم والسرقة والزنا والكذب وما إلى ذلك من سائر المعاصي والآثام والسيئات.




ما كان منها بغير قصد، وهي تتأتى من باب التفريط والتهاون والتقصير في العبادات، كالتكاسل عن أداء الصلاة أو تأخيرها عن وقتها أو إضاعة الواجبات والحقوق، أو التهاون في أدائها لمستحقيها، أو بدافع الجهل أو الخطأ أو الهزل وما إلى ذلك من غير قصد ارتكاب المعصية، والكثير من الناس واقعون في هذا الأمر بشكل أكبر من سابقه وهم لا يعلمون، ولا له يتفطنون.




4- التوبة من الذنوب والمعاصي: لأن المسلم لا يسلم من الذنوب والمعاصي والزلات والهفوات، ومن رحمة الله تعالى أنه شرع التوبة كالفرصة لمن أذنب، وحتى لا يشعر بأنه قد فقد فرص التوبة والإنابة والرجوع إليه سبحانه، وبالتالي يزداد في غيه وباطله وضلاله وإسرافه على نفسه، فمشروعية التوبة أخي المسلم في حد ذاتها هي رحمة من الله تعالى بالمذنب فيقلع ويتوب، ورحمة بالآخرين حتى لا يصطلوا بفساده ويتضرروا به.




وبالتوبة يغفر الله تعالى الذنب لصاحبه، وليس ذلك فحسب، بل ويبدل سيئاته إلى حسنات، وذلك من عظيم رحمته سبحانه مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان].




وباب التوبة مفتوح لا يغلق أبدًا، وذلك أيضًا من رحمة الله تعالى حتى يسع العباد أن يتوبوا في أي وقت كان، لا يمنعهم من التوبة شيء مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء، الليل حتى تطلع الشمس من مغربها » [مسلم]





وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة، فقال: وعزتك وجلالك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح، فقال الله عز وجل: وعزتي لا أمنعه التوبة ما دام فيه الروح » [أحمد]





وحقيقة التوبة عدم القنوط من رحمة الله تعالى والإنابة إليه.

والتوبة أخي عادة تكون - كما قلت - من ذنب، ولذا فلها شروط هي:




1- الإقلاع عن الذنب.

2- عدم العودة إليه.

3- الندم على ما فات.

4- أداء حقوق الآدميين إن كان في الإمكان.




إذًا إذا نظرنا أخي المسلم فيما ذكر نجد أن الإيمان بالله تعالى رحمة منه سبحانه، لأنك به تحيا الحياة الحقيقية السعيدة، ثم نجد أن العمل الصالح رحمة منه سبحانه، لأن فيه منفعتنا، ويحقق لنا مصالحنا، ويحفظنا من شرور وغوائل نفوسنا.

ثم نجد أن الاستغفار رحمة منه سبحانه لتلافي ما يقع في العبادة من خلل وزلل، ثم نجد أن التوبة هي أيضًا رحمة منه سبحانه؛ لأن المسلم لا يسلم ولا ينجو من الذنوب والمعاصي والهفوات والزلات، وبالتالي تحقق قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحدًا منكم لن يدخله عمله الجنة » لأن كل ما هيأ لنا وأمرنا به من تلك الأمور الأربع هو في مصلحتنا، ولمنفعتنا في الدنيا والآخرة، فهو من نفحات رحمة الله تعالى على عباده، فللّه الحمد والمنة والثناء الحسن دومًا وأبدًا.

اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.




([1] )نلاحظ الصلاة التي هي عماد الدين وأفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، كيف أنه صلى الله عليه وسلم علمنا بأن نقول بعدها مباشرة أذكار ما بعد الصلاة، وأولها (استغفر الله استغفر الله استغفر الله)، وذلك استدراكًا لما قد حصل في الصلاة من سهو أو تفريط. وكذلك سائر الأعمال الصالحات تجبر بالاستغفار، لأن العبد واقع في التفريط، والتقصير لا محالة، ولا ينجو من ذلك أحد.



([2] )كل معصية تعمدها المسلم فهي بقصد، وهناك معاص تقع من غير قصد بدافع الجهل أو التفريط في العبادة أو الخطأ أو الهزل غير المقصود وهكذا، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم كما في دعائه: (.. اللهم اغفر لي خطئي وعمدي وجدي وهزلي وكل ذلك عندي..) متفق عليه.








via مدونة الوليد http://ift.tt/1tRnW47

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire